القلق والخوف هما رفيق الحياة اليومية بالنسبة للكثير من الأشخاص بمختلف المراحل العمرية، قد يبدو الأمر طبيعياً في بعض الأحيان ولكن قد يزدادا سوءاً لدى العديد من الأشخاص فيسبب ما يسمي باضطراب القلق.
وقد يأتي اضطراب القلق في حالة الشعور بالقلق المبالغ فيه والذي لا يتناسب مع حجم الخطر أو المشكلة التي تتعرض إليها، ومن هنا قد يتطور الأمر كثيراً مما يسبب الخوف الشديد والهلع ويؤدي أحياناً إلى الاكتئاب.
لذلك إيماناً منا بأهمية هذا الأمر نتطرق في مقال اليوم للحديث عن اضطراب القلق العام وأسبابه وأعراضه وكيفية التخلص من مشاعر القلق من أجل حياة مطمنئة خالية من الخوف والقلق المستمر.
ما هو اضطراب القلق العام؟
اضطراب القلق العام هو القلق المفرط والمبالغ فيه تجاه بعض الأمور والأحداث التي تحدث مع الشخص يومياً حتى وإن كانت بسيطة ولا تستدعي ذلك القلق المبالغ فيه.
حيث يتجه تفكير الشخص دائماً في توقع الأسوء والتفكير في النتائج السلبية التي من المحتمل أن تحدث نتيجة موقف معين وكيف يمكن لهذا الموقف أن يهدد حياته الشخصية والعملية.
قد يكون أمر طبيعي أن يشعر الشخص بالقلق في بعض الأوقات تجاه ظرف معين مثل القلق من الامتحانات أو الحصول على وظيفة جديدة أو القلق من مشكلة حديثة ويسهل السيطرة عليها.
ولكن في اضطراب القلق المفرط يعاني الشخص من التفكير الزائد المستمر وغير الحقيقي مما يجعل حياته في حالة مستمرة من التوتر، الخوف، والهلع وكلما زادت همومه يزداد القلق بشكل مبالغ فيه.
ويتم تشخيص اضطراب القلق في حالة إذا أظهر الشخص رد فعل غير طبيعي ومبالغ فيه تجاه حدث بسيط لا يستدعي كل هذا القلق ويصعب على الشخص السيطرة على هذا القلق.
أعراض اضطراب القلق العام
تختلف أعراض اضطراب القلق العام من شخص إلى آخر، ولا يشترط ظهور كافة الأعراض في شخص واحد وقد تتمثل الأعراض فيما يلي:-
1. أعراض نفسية
- القلق المستمر والمبالغ فيه.
- تضخيم الأحداث والمواقف البسيطة واعتبارها تهديداً للحياة.
- مواجهة صعوبة شديدة في التعامل مع المواقف الغامضة والغير متوقعة.
- الخوف الشديد من إتخاذ قرار خاطئ يؤثر على نمط الحياة.
- عدم القدرة على مواجهة القلق والسيطرة عليه.
- إيجاد صعوبة في القدرة على التركيز.
- تشتت العقل دائماً وحدوث صراع داخل الدماغ.
- بعض الأحيان قد يؤدي القلق إلى الشعور بالاكتئاب.
2. أعراض جسدية
- الشعور بالتعب المستمر.
- إيجاد صعوبة في النوم.
- الارتجاف والشعور بالاضطراب.
- متلازمة القولون العصبي.
- التوتر والخوف السريع من الأشياء.
التخلص من اضطراب القلق العام
إذا كنت تعاني من حالة بسيطة من القلق المفرط التي يمكن السيطرة عليها إليك بعض الإرشادات التالية:-
الاسترخاء العقلي
القلق في الأساس هو اضطراب عقلي نابع من التفكير المستمر والأفكار السلبية لذلك يجب في البداية أن تدع عقلك يرتاح جيداً وتعيد توجيه أفكارك.
يمكنك فعل ذلك من خلال طرح بعض الأسئلة مثل:-هل يجب فعل هذه المهمة التي تسبب القلق الآن؟ ما اسوأ شئ ممكن أن يحدث نتيجة لهذا الأمر؟ ما فائدة القلق؟ وهل هذا القلق قد يساعد في حل الأمر؟
إدراك هذه الأسئلة قد يساعدك في التحرر من اضطراب القلق العام ويجعلك تعيش الحياة الواقعية دون تفكير كثير.
تشجيع النفس
قد يقلق بعض الأشخاص بسبب عدم الثقة في أنفسهم مما يعوقهم من إتخاذ بعض القرارات الهامة في حياتهم اليومية، لذلك يجب عليك تقدير ذاتك وتشجعيها باستمرار أنها تستطيع فعل كل شئ.
يمكنك كتابة بعض العبارات الإيجابية في أكثر الأماكن التي تتردد إليها مثل كتابة: أنا أثق في قدراتي، استطيع أن أفعل ذلك الأمر، يمكنني مواجهة تحديات الحياة وتخطى هذا الأمر.
التفكير الإيجابي
تعد الأفكار السلبية التي تراود ذهنك واحدة من أهم أسباب الشعور بالتوتر والقلق المفرط، لذلك يجب عليك التخلص منها واستبدالها بالأفكار الإيجابية.
يمكنك مثلاً تذكر بعض اللحظات الصعبة التي استطعت اجتيازها بنجاح، وأيضا تذكر المواقف التي شعرت فيها بالقوة والراحة، كما يمكنك مصاحبة الأشخاص الإيجابيين.
مكافئة النفس
روتين الحياة اليومية والتعرض للهموم والأحداث اليومية المستمرة يجعلك عرضة للتوتر والقلق المفرط، لذلك في وسط زحمة الحياة ومسؤلياتها لا تنسى مكافئة نفسك وتدليلها من وقت لآخر.
يمكنك فعل ذلك من خلال الاسترخاء وممارسة تمارين اليوجا الممتعة، قراءة كتابك المفضل، قضاء الوقت مع الأسرة، الخروج إلى نزهة في الخارج، الاستمتاع مع الأصدقاء المفضلين، وغيرها من الأنشطة المختلفة.
عادات لتدريب عقلك بعيداً عن القلق
يمكن التخلص من القلق المفرط من خلال تغيير نمط الحياة اليومي ويتم ذلك بممارسة بعض العادات الإيجابية التي تحررك من القلق المستمر ومن أبرزها:-
1. التفكير في الحاضر
قد ينبع القلق في بعض الأحيان بسبب التفكير في الماضي أو الخوف المستمر من المستقبل وذلك الأمر يمعنك من ممارسة الحياة الحالية وهذا شئ خاطئ تماماً.
تذكر جيداً أن الماضي لا يمكن استرجاعه والتفكير في أحداثه لا تجدي أي فائدة بل تسبب منغصات الحياة فقط، وأيضا التفكير في المستقبل ليس بيديك فقد يحدث عكس توقعاتك المستقبلية.
لذلك الشئ الوحيد الذي تمتلكه هو الوقت الحاضر، فكر جيداً كيف يمكنك استغلاله بشكل مفيد؟ كيف يمكنك الاستمتاع به؟ عش يومك
2. كتابة الأفكار
إذا كنت تفكر كثيراً وتقلق بشأن أمر معين ولا تمتلك القدرة الكافية من التوقف عن التفكير، يجب عليك تفريغ هذه الأفكار والمشاعر السلبية للخارج.
ويمكنك فعل ذلك من خلال كتابة هذه الأفكار والأمور التي تسبب لك القلق في دفتر خاص سري لا يمكن للآخرين التطلع إليه ويمكنك استخدام تطبيق مذكراتي للكتابة بشكل سري.
لذلك يمكننا تسليط الضوء على عادة تدوين اليوميات بشكل مستمر للتخلص من اضطراب القلق العام وتفريغ جميع الأفكار السلبية والمخاوف المستمرة.
3. ممارسة الرياضة
لا شك أن ممارسة الرياضة اليومية لها دور فعال في تنشيط الدماغ والجسم والتخلص من التفكير الزائد والقلق المفرط، كما أنها تبعث مشاعر الإيجابية والسعادة.
وأنت غير مضطر أن تبالغ في ممارسة الرياضة والذهاب إلى صالات الألعاب الرياضية، بل يمكنك ممارسة رياضات خفيفة بانتظام حتى إن كانت 30 دقيقة يومياً.
على سبيل المثال يمكنك القيام بالآتي:-
- المشي سيراً إلى الأماكن القريبة بدلاً من ركوب وسائل المواصلات.
- يمكنك ممارسة رياضة ركوب الدراجات في الصباح الباكر.
- أيضا ممارسة بعض تمارين القفز في مكان تواجدك.
- الذهاب في نزهات بسيطة مع الأصدقاء أو العائلة.
- صعود الدرج بدلاً من ركوب المصعد.
4. الاستمتاع بالبساطة
قد يأتي الشعور بالقلق بسبب الشروط والمعايير التي فرضها علينا المجتمع وأثقلت علينا عبء كبير لتحقيق هذه المعايير مما أدى إلى ظهور اضطراب القلق العام لدى الكثير.
وقد تتمثل هذه المعايير المشروطة علينا في الحصول على وظيفة جيدة، شراء منزل رائع، الحصول على مال وفير، الاهتمام بالجاذبية والوضع الاجتماعي كل هذا يسبب ضغط كبير على الشخص.
لذلك لا تفكر كثيراً في كيفية الحصول على أفضل الأشياء والتقيد بالشروط المفروضة من المجتمع، بل يجب عليك فعل ما تحبه ويجعلك سعيداً واستمتع أيضا بأبسط نجاح تحققه في حياتك.
ولكن في حالة التعرض إلى اضطراب القلق العام المصاحب لأعراض ومشكلات صحية ونفسية كبيرة مثل الاكتئاب والتهيجات السلوكية تتسبب في إعاقة ممارسة الحياة اليومية بشكل طبيعي يجب عليك استشارة معالج نفسي لمساعدتك في حل مشكلة القلق المفرط.
في الختام عزيزي القارئ لا تتردد في إتخاذ قرار السيطرة على اضطراب القلق العام الآن ومن ثم اتبع النصائح والعادات اليومية التي ذكرناها مسبقاً، قد تواجه بعض المشقة في بداية الأمر ولكن تحلى بالصبر لأن الحياة تستحق أن تعيشها في أمان وطمأنينة بعيداً عن التوتر والقلق.
Comments are closed.